من أفضل من ليوناردو دافينتشي لمصالحة فرنسا وإيطاليا؟ فمن المقرر أن يحيي رئيسا البلدين معا الخميس في منطقة توران الفرنسية الذكرى المئوية الخامسة لوفاة عبقري النهضة، ما يتيح فرصة لتهدئة التوتّرات بين روما وباريس.
في الثاني من أيار/مايو 1519، فارق الرسّام والعالم المتضلّع المولود سنة 1452، الحياة في قصر كلو-لوسيه في أمبواز، بعد ثلاث سنوات ونيّف من دعوته إلى فرنسا بمبادرة من الملك فرنسوا الأول.
وسيستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، برفقة زوجته بريجيت ووزير الثقافة فرانك رييستر، نظيره الإيطالي في ضريح الفنان الذي يرقد منذ الثورة في كنيسة القديس أوبير في قصر أمبواز الملكي.
ونزولا عند رغبة المبدع الكبير، شيّع ستون فقيرا يحملون مشاعل، جثمانه سنة 1519 إلى كنيسة القديس فلورنتان التي دمّرت خلال الثورة الفرنسية.
وسيزور الرئيسان قصر أمبواز الملكي وقصر كلو-لوسيه حيث سيتناولان الغداء قبل التوجّه إلى شامبور للاحتفاء بإبداعات عصر النهضة مع 500 شاب إيطالي وفرنسي.
وقد دعي أيضا إلى هذه الاحتفالات الرامية إلى توطيد العلاقات الفرنسية الإيطالية كلّ من المهندس المعماري الشهير رينتسو بيانو والكاتب أليساندرو باريكو ورائد الفضاء توما بيسكيه.
وفي مطلع آذار/مارس، دعا ماكرون ماتاريلا إلى أمبواز للاحتفاء بهذه الذكرى وأيضا إلى شامبور حيث يقع أكبر قصر في منطقة لوار بدأ تشييده بعد بضعة أشهر من وفاة ليوناردو دا فينتشي وفق تصاميم استوحيت على الأرجح بجزء منها من خططه المعمارية.
وقد نشبت هذا الشتاء توتّرات بين الحكومة الإيطالية الشعبوية والدولة الفرنسية بشأن الهجرة المخالفة للقانون والدعم الذي أبداه سياسيون إيطاليون لاحتجاجات “السترات الصفراء”، فضلا عن مشاحنات ثقافية في ظل انطباع ساد لدى روما بأنّ فرنسا تستولي على إرث الرسّام الكبير.
-ليوناردو الأوروبي-
وقد أثارت وزيرة الدولة الإيطالية لشؤون الثقافة لوتشا بورغونتسوني، المنتمية إلى حزب رابطة الشمال، جدلا في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 من خلال ما بدا تشكيكا في اتفاق يقضي بإعارة إيطاليا لفرنسا لوحات دا فينتشي في سياق معرض كبير ينظّم في اللوفر في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وهي قالت “ليوناردو إيطالي وجلّ ما في الأمر أنه توفّي في فرنسا”.
وينصّ هذا الاتفاق الثنائي على أن تعير فرنسا في المقابل أعمالا للرسام رافاييلو في إطار معرض يقام سنة 2002 في روما.
وقد سمح لقاء حدث في نهاية شباط/فبراير في ميلانو بين وزيري الثقافة الإيطالي (ألبرتو بونيزولي) والفرنسي (فرنك رييستر) بتهدئة الأجواء، بحجّة حدوث سوء تفاهم.
وشدّدت روما على عزمها التكفّل في أقرب وقت ممكن بتأمين أفضل الظروف لنقل التحف النادرة والهشة. ولا تزال المناقشات جارية حول عملية التبادل هذه.
وقال رييستر في ميلانو “اتفقنا على العمل مع المتحفين الفرنسي والإيطالي للتوصّل إلى أفضل السبل لإعارة لوحات ليوناردو ورافاييلو بطريقة عملية وبراغماتية”.
ويأتي اللقاء بين الرئيسين في توران في سياق الاستعدادات للانتخابات الأوروبية التي يخيّم عليها خطر تنامي التيارات الشعبوية في البرلمان الأوروبي بتشكيلته المقبلة.
وأراد ماكرون، من خلال دعوة نظيره الإيطالي، أن يظهر أن الصداقة الفرنسية الإيطالية هي أقوى من كلّ الخلافات التي قد تنشب بين الحكومات، كما الحال مع شخصية ليوناردو الإيطالي المولد والذي استقبلته فرنسا بترحاب كبير، ومع تراثه الثقافي الإيطالي المنشأ لكنه بات يكتسي إشعاعا أوروبيا وهو قد نثر في متاحف مختلفة من القارة الأوروبية.
المصدر:AFP