ويعتبر الحكم في حد ذاته نادراً، إذ أن المحكوم عليها واحدة من عدد قليل جدا من النساء في فيتنام اللاتي حُكم عليهن بالإعدام لارتكابهن جريمة مما يُعرف بجرائم ذوي الياقات البيضاء.
ويعكس القرار حجم الاحتيال المذهل. فقد أُدينت ترونغ ماي لان بأخذ قروض بقيمة 44 مليار دولار من بنك سايغون التجاري. ويلزمها الحكم بإعادة 27 مليار دولار، وهو مبلغ قال ممثلو الادعاء إنه قد لا يتم استرداده أبدا. ويعتقد البعض أن عقوبة الإعدام هي طريقة المحكمة لمحاولة تشجيعها على إعادة بعض المليارات المفقودة.
وكانت السلطات الفيتنامية الشيوعية، التي اعتادت على السرية، صريحة على نحو غير معهود بشأن هذه القضية، إذ تطرقت إلى التفاصيل الدقيقة لهذه القضية عند حديتها لوسائل الإعلام. وأضافت أنها استدعت 2700 شخص للإدلاء بشهاداتهم في القضية، في حين شارك فيها 10 مدعيي عموم وحوالي 200 محام.
كما أن وزن الأدلة المستخدمة في القضية بلغ ستة أطنان كانت موضوعة في 104 صناديق. وحوكم مع ترونغ خمسة وثمانون متهما، نفى جميعهم التهم الموجهة إليهم.
يقول ديفيد براون، المسؤول المتقاعد في وزارة الخارجية الأمريكية، وصاحب الخبرة الطويلة في فيتنام “في اعتقادي لم يشهد العصر الشيوعي محاكمة كهذه. وبالتأكيد ليس بهذا المستوى أو النطاق”.
وتُعد المحاكمة الفصل الأكثر دراماتيكية حتى الآن في حملة “الأفران المشتعلة” لمكافحة الفساد التي قادها الأمين العام للحزب الشيوعي نغوين فو ترونغ.
ويعتقد فو ترونغ، المنظر المحافظ المتشرب بالنظرية الماركسية، أن الغضب الشعبي إزاء الفساد الجامح يشكل تهديدا وجوديا لاحتكار الحزب الشيوعي للسلطة. وقد بدأ حملته بشكل جدي في عام 2016 بعد أن تفوق في انتخابات الحزب على رئيس الوزراء المؤيد لقطاع الأعمال آنذاك، والذي فشل في الاحتفاظ بالمنصب الأعلى في الحزب.
وشهدت الحملة إجبار رئيسين ونائبين لرئيس الوزراء على الاستقالة، وتأديب أو سجن مئات المسؤولين. وانضمت الآن إلى القائمة واحدة من أغنى النساء في البلاد.
تنحدر ترونغ ماي لان من عائلة صينية فيتنامية تعيش في مدينة هوشي منه، سايغون سابقا. ولفترة طويلة كانت المدينة المحرك التجاري للاقتصاد الفيتنامي، ويعود تاريخها إلى أيامها كعاصمة مناهضة للشيوعية لفيتنام الجنوبية، يسكنها مجتمع كبير من العرق الصيني.
بدأت ترونغ عملها كبائعة في كشك في السوق، حيث كانت تبيع مستحضرات التجميل مع والدتها، لكنها اتجهت إلى شراء الأراضي والعقارات والاعمال التجارية بعد أن بدأ الحزب الشيوعي فترة من الإصلاح الاقتصادي، المعروفة باسم دوي موي عام 1986. وبحلول التسعينيات، كانت تمتلك محفظة كبيرة من الفنادق والمطاعم.
وعلى الرغم من أن فيتنام تعرف عالميا بقطاع التصنيع سريع النمو، باعتبارها سلسلة توريد بديلة للصين، إلا أن معظم الفيتناميين الأثرياء جمعوا أموالهم من تطوير العقارات والمضاربة فيها.
وبما أن جميع الأراضي مملوكة رسميا للدولة. فإنه غالبا ما يعتمد شراؤها والوصول إليها على العلاقات الشخصية مع مسؤولي الدولة. ومع نمو الاقتصاد تصاعد الفساد، وأصبح متوطنا في البلد.
وبحلول عام 2011، أصبحت ترونغ ماي لان شخصية تجارية معروفة في مدينة هوشي منه، وتم السماح لها بترتيب عملية دمج ثلاثة بنوك صغيرة الحجم، كانت تعاني من ضائقة مالية، في كيان أكبر أطلق عليه بنك سايغون التجاري.
ويحظر القانون الفيتنامي على أي فرد امتلاك أكثر من 5 بالمئة من أسهم أي بنك. لكن المدعين يقولون إنه من خلال مئات الشركات الوهمية والأشخاص الذين يعملون كوكلاء لها، امتلكت ترونغ بالفعل أكثر من 90 بالمئة من شركة بنك سايغون التجاري.