الكاتبة نعومي رائف
تواجه الكاتبات السوريات تحديات كبيرة تعوق مسيرتهن الإبداعية، وتجعل من تحقيق النجاح الأدبي مهمة شاقة. فالحرب التي عاشتها سوريا طوال سنوات طويلة تركت آثاراً عميقة وعلى الرغم من صعوبات الطريق ومعوقات الوصول، فإن الكاتبات السوريات يواصلن الكتابة والإبداع، مؤكدات على أن الكلمة هي سلاحهن الأقوى في مواجهة الظلم والقهر. فهن لا يكتبن فقط عن أنفسهن، بل عن مجتمعهن بأكمله. حيث الأوضاع الأمنية في سوريا تريب الجميع مما جعل الكاتبات تخشى من ملاحقة السلطات لهن أو تعرضهن للانتقام أو الاعتقال، مما دفعهن إلى ممارسة الرقابة الذاتية على كتاباتهن. ولجم أقلامهن وربما قد حان الوقت لإخراج الأوراق السرية التي تمت كتابتها في الظلام خوفا من بطش النظام وقمعه. والذي كان أحد أعداء النجاح. في الوقت التي كانت الظروف المعيشية تقيم حروبا لا متناهية ضدهن. وكانت تلك الظروف المعيشية الصعبة عائقا كبيرا، حيث اضطررن إلى التوفيق بين متطلبات الحياة اليومية والكتابة ولم يكن ذلك سهلا على الإطلاق. في ظل الخوف والقلق والتعايش في أجواء يطغى عليها العنف الذي أثر على نفسية الكاتبات، وقدرتهن على التركيز والإبداع. لا بيئة مناسبة للكتابة ولا فرصا للعمل أو الوصول بل على العكس تماما كان الطريق وعرا ضبابيا في ظل النزوح والتشريد والذي أدى إلى تشتت الكاتبات وحرمانهن من بيئة الإبداع المستقرة التي يتمتع بها باقي الكاتبات في أرجاء العالم وقد أثر ذلك على إنتاجهن الأدبي. وبالطبع لابد من ذكر صعوبة النشر والتوزيع بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار المفروض على سوريا مما حد من فرص الوصول لجهات انتاجية تساعدهن على النشر والبيع. كما يجب علينا تسليط الضوء على تأثير الحروب على أدب المرأة السورية مما جعلها تغير موضوعات الكتابة من قضايا الحب والرومانسية إلى قضايا أكثر عمقاً مثل الحرب والعنف والتشريد والخسارة. حيث أصبحت الكتابة شكل من أشكال المقاومة إلى أن وجد العديد من الكاتبات أنفسهن على مفترق طرق وعليهن الاختيار بين شغف الكتابة أو تأمين لقمة العيش. ولا شك أن الكثير منهن قد أجبرنا على الاستسلام والتخلي عن أحلامهن. بينما واصل القسم الآخر المقاومة والمناضلة للوصول وحملت هؤلاء الكاتبات على عاتقها عبء الحرب، وعلى الرغم من التحديات الجمة التي واجهتهن، إلا أنهن لم يستسلمن وتمكنّ من إنتاج أعمال أدبية مهمة، تعكس معاناة الشعب السوري بطريقة درامية مؤثرة تساهم في حفظ ذاكرة الحرب ونقلها للأجيال القادمة على شكل مشهد مؤثر أو ربما مقالة على الوتر. وقد تميزت هذه الأعمال بالصدق والعمق، وقدرتها على الوصول إلى قلوب القراء والمشاهدين. وإلى هذه اللحظة لم يصبح الطريق ممهدا أمامنا نحن الكاتبات وستكون التحديات المستقبلية هي الأصعب حيث يجب علينا خوض العديد من العقبات للوصول بعد أن أثبتنا قدرة المرأة على الصمود والإبداع في أصعب الظروف. باختصار أن تكون المرأة كاتبة في سوريا هو نوع من أنواع المجاهدة خصوصا إن كانت قد سلكت طريقا شريفا وقررت الوصول بإبداعها ومجهودها فقط. حينها سيكون الوصول إلى طريق النجاح بشق الأنفس وقد يستهلك أنفاسهن وهو ربما هذا هو النجاح الحقيقي.