بغداد – متابعة
دعا أحد كبار الجراحين الأمريكيين، يوم الاثنين، إلى وضع علامة تحذير للصحة العقلية على مواقع التواصل الاجتماعي، لما تشكله من خطر على العقل خاصة لدى الأطفال والمراهقين.
ولسنوات عديدة، حاول الباحثون تحديد ما إذا كان مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر على صحته العقلية أم لا.
واليوم، أعلن الجراح العام الأمريكي فيفيك مورثي أنه يخطط للضغط من أجل وضع علامة تحذيرية للصحة العقلية على منصات التواصل الاجتماعي، بما يشبه تلك التي توضع على علب السجائر.
إذ أن وجود علامة التحذير مهمة حتى يتمكن العلماء من الوصول إلى النقطة التي تصبح فيها المنصات آمنة بالفعل.
وذكر في دراسة أجراها أن المراهقين الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يوميا على وسائل التواصل الاجتماعي يواجهون خطرا مضاعفا للإصابة بأعراض القلق والاكتئاب.
وتقول اختصاصية علم النفس السريري سلمى صدقه، في حوار لها مع برنامج “الصباح” على “سكاي نيوز عربية”، إن وسائل التواصل الاجتماعي توفر للأفراد فرصة إنشاء حسابات شخصية، يساهمون من خلالها بمحتويات متنوعة تستهدف شرائح وفئات مختلفة من المجتمع، مما يسهل عملية التواصل والتفاعل معهم.
وباتت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من كل بيت وبمتناول الجميع، وأمام الاستعمال المطول لوسائل التواصل الاجتماعي فإن ذلك يؤثر على الصحة العقلية والنفسية للفرد وعلى قدراته المعرفية كالقدرة على الانتباه والتركيز والذاكرة.
وتتابع صدقه: ينجر عن الاستعمال المفرط لوسائل التواصل اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق وجميع الأمور ذات الصلة، ولوسائل التواصل تأثير بالغ على بنية الدماغ وتكوينه لدى الأفراد، ولا سيما المراهقين والأطفال، ويتأثر التركيز والانتباه بشكل كبير جراء التدفق المستمر للمحفزات على هذه الوسائل والتنقل السريع من مهمة إلى أخرى ومن صفحة إلى صفحة.
وتحدث تغييرات في تركيب الدماغ لدى المراهقين، مما يُسفر عن سلوكيات اندفاعية.. كما أن المحفزات المتاحة عبر الإنترنت تُساهم في إفراز هرمونات السعادة والمتعة في الجسم، الأمر الذي يزيد من احتمالية إدمان الأفراد على وسائل التواصل.
يتعرض الأفراد لتأثيرات سلبية من وسائل التواصل الاجتماعي بدرجات متفاوتة، نظرا لعدة عوامل، منها:
– مدة التعرض، حيث تشير الدراسات إلى أنه لا يوجد وقت محدد يمكن اعتباره آمنًا للاستخدام، ولكن الأشخاص الذين تجاوزت فترة مشاهدتهم 3 ساعات يوميًا يعانون من تأثيرات سلبية أكبر.
– كلما زاد الوقت المخصص لوسائل التواصل وازداد تعريض الشخص لمحتويات غير مفيدة أو مضللة مثل ترويج المنتجات الخاطئة، كلما ازدادت الأضرار الناتجة عن هذه الوسائل.
– الشباب والمراهقون الذين يشاركون في أنشطة بدنية واجتماعية بانتظام يكونون أقل عرضة للخطر الناجم عن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي.
– أخيراً، يُعتبر التماسك الأسري عاملاً مهمًا في الحفاظ على الاستقرار النفسي وتقوية المناعة النفسية للفرد، مما يقلل من التأثيرات السلبية لهذه الوسائل عليهم.
وفي مرحلة المراهقة، يكون الشخص غير مكتمل النمو من ناحية القدرة على التمييز والتنظيم الذاتي الداخلي لتقييم ما إذا كانت تصرفاته صحيحة أم خاطئة، لذلك، يميل إلى اتخاذ القرارات بشكل اندفاعي.
إذا كان هذا الطفل أو المراهق يعيش حياة طبيعية ومتوازنة، فإنه يكتسب مهارات حياتية مهمة مثل التعامل مع الملل والسيطرة على الضغوط التي تواجهه في مواقف الحياة الصعبة.
إذا كان الطفل أو المراهق يقضي معظم وقته متصلاً بالإنترنت، ينشأ خلل لديه يمنعه من التفاعل مع الحياة الفعلية، وبالتالي لا يتمكن من بناء هذه المهارات الضرورية للمناعة النفسية.
عند محاولة الوالدين تقليل وقت استخدام الإنترنت ودفعه نحو الانخراط في الأنشطة اليومية والمجتمعية، يصطدم بصعوبات وشعور بالملل والفراغ لعدم تعوده على ذلك وعدم اكتسابه للمهارات الحياتية اللازمة.
نتيجة لهذا الملل والإحساس بالفجوة بين الواقع والعالم الافتراضي الجذاب، قد يدفع به الأمر للعودة إلى الإنترنت حيث يشعر براحة أكبر مما يؤدي إلى الدخول في دائرة مفرغة تُصعب الخروج منها وتعرقل تنمية مهاراته الشخصية والاجتماعية.
من الضروري السيطرة على الوقت الذي يقضيه الأفراد على وسائل التواصل، ويجب تطبيق رقابة أبوية دقيقة على المحتوى المتاح لهم.
ينبغي الحرص على تشجيع الأبناء لممارسة الأنشطة البدنية والاجتماعية في الحياة الحقيقية بصورة مستمرة.
يجب تأسيس علاقة قوية بين الأهل والأبناء ليكونوا القدوة الحسنة لهم وتوجيههم حول مفهوم الخصوصية الذي يكاد يفقد تمامًا مع استخدام وسائل التواصل.
ضرورة تعزيز شعور الابن بأنه محبوب ومقدر وذو قيمة كبيرة داخل الأسرة عبر الحوار والتوعية المستمرين بشأن هذه القضايا.
من الضروري عدم تعرض الأطفال دون سن الثانية للشاشات، فهذه الأخيرة بالنسبة لهم هي مصدر للضوضاء والتشتيت.
قد يعتقد بعض الآباء أن تعريض أطفالهم للشاشات يمكن أن يساعد في تطوير اللغة؛ ومع ذلك، هذا مفهوم خاطئ كبير، قبل سن الثانية، لا يؤدي مثل هذا التعرض إلا إلى ضوضاء غير ضرورية.
في الأعمار من 6 إلى 7 أعوام وما فوق، ينبغي على الأولياء إدارة وقت الشاشة بعناية فائقة.. إن هذا الأمر ضروري جدًا لأنه حتى سن الثامنة عشرة، تؤثر جميع المحتويات التي يتعرض لها الطفل عبر الشاشات بشكل كبير على تصوراتهم واستجاباتهم.