فخ الطائفية

0
9

الكاتبة نعومي رائف

 يعتبر هذا السؤال سؤالاً معقداً للغاية في ظل الظروف الراهنة، ومن الصعب التنبؤ بدقة بالمصير المتوقع لسوريا مستقبلا، حيث أن البلاد ستواجه تحديات كبيرة في المستقبل. ومع ذلك، هناك أمل في أن يتمكن الشعب السوري من التغلب على هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل لبلاده. ولكن يمكن توقع العديد من العوامل التي ستؤثر على مستقبل سوريا من خلال الأحداث التي شهدتها البلاد بعد مغادرة الأسد. والتي قد تكون هاوية جديدة ينجر لها الشعب السوري دون وعيا منه، بسبب التعقيدات السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد منذ سنوات طويلة وأهمها الانقسامات الطائفية والمذهبية. وتعتبر الطائفية في سوريا من أبرز التحديات التي تواجه البلاد منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وقد أدت هذه الطائفية إلى تفاقم الصراع وتعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية. وقد استغلت الأنظمة الحاكمة هذه الانقسامات لتعزيز سلطتها وتقويض أي تهديد محتمل. حيث استخدم النظام السوري الطائفية كأداة لتعزيز سلطته وقمع المعارضة. وقد أدى تهميش بعض الطوائف وتفضيل أخرى إلى تراكم الاستياء والغضب، مما ساهم في تفجر الأزمة. كما ساهمت العوامل الاجتماعية والاقتصادية في تعميق الانقسامات الطائفية. فالتفاوت في توزيع الثروة والسلطة، بالإضافة إلى التمييز ضد بعض الطوائف، أدى إلى شعور بالظلم والتهميش. وتسبب هذا الصراع في تشريد الملايين من السوريين داخل البلاد وخارجها، مما أدى إلى تفكك الأسر والمجتمعات. كل هذا وأكثر حدث في عهد الرئيس السابق بشار الأسد. ولكن نحن الآن على أعتاب بداية جديدة وفجر جديد ستشهده سوريا بعد سنوات من الصراع والدمار نعيش مرحلة إعادة كتابة التاريخ السوري بطريقة عقلانية ومنصفة، تبرز الجوانب المشتركة بين السوريين وتقلل من التركيز على الخلافات الطائفية ويجب على الشعب السوري التصرف بوعي ومسؤولية كبيرة في المرحلة القادمة لأن الطائفية في سوريا ستكون تحديًا كبيرًا يهدد مستقبل البلاد. ومع ذلك، فإن الحلول موجودة، ولكنها تتطلب إرادة سياسية قوية والتزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف. يجب على السوريين العمل معًا لبناء مستقبل أفضل لبلادهم، مستندين إلى قيم التسامح والتعايش السلمي وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة، وتضمن المساواة بين جميع المواطنين. وإن التصرف بوعي وتسامح في المرحلة القادمة هو أمر مهم لبناء سوريا جديدة مستقرة ومزدهرة. فالتعايش السلمي بين الطوائف هو الأساس لبناء مجتمع قوي ومتماسك وإتمام هذا الأمر يعتمد على قدرة السوريين على التغلب على الانقسامات الطائفية والعمل معاً. رغم أن هذا الأمر يتطلب جهداً كبيراً من الجميع، ولن يكون سهلا على الشعب نسيان الجرائم البشعة التي تمت على يد الرئيس السابق بشار الأسد وحاشيته خاصة بعد الكشف عن المعتقلات المريبة والسجون التي فضحت جرائم وحشية قام بها النظام مما أشعل غضب السورين وأوجعهم. ولكن العداوة والصراع مع من بقي من الطائفة العلوية في سوريا لم ولن يكون الحل حيث لن يكون من المنصف التعميم ومعاقبة الجميع على جرائم فئة منهم بل يجب الاكتفاء بمعاقبة جميع المتورطين في تلك الجرائم البشعة من أي طائفة كانت.  ومن المهم للغاية في المرحلة القادمة تعزيز ثقافة التسامح والاحترام المتبادل بين مختلف الطوائف. وعدم السماح للجماعات المتطرفة باستغلال حالة الفوضى والانقسام لتوسيع نفوذها في سوريا ونشر الفتنة، مما قد يزيد من تعقيد الأمور. كما يجب مكافحة الخطاب الطائفي الذي يثير الفتنة والكراهية والذي سيكون فرصة ذهبية التعميم للأطراف الخارجية التي ستستغل الخلافات الطائفية لنشر الفوضى والدمار في سوريا، حتى نتمكن من بناء بلد معافاة يعيش شعبها في سلام بعيدا عن فخ الطائفية الذي أستنهك سوريا وشعبها لسنوات طويلة.

مشاهدة المزيد

شاهد ايضاً

حماس تعلن الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

متابعة – وكالة الإعلام الدولية أعلنت حركة حماس، اليوم الأربعاء، الموافقة على اتفاق وقف إطل…