بين المحاصصة والكفاءة .. المرشح الذي رفعته القلوب

0
14

جواد كاظم سلطان الصگري انموذجاً

بقلم: أمجد هيف

لا يحتاج بعض المرشّحين إلى مقعدٍ نيابي كي يثبتوا حضورهم في الذاكرة العامة. يكفيهم أنّهم عبروا إلى قلوب الناس قبل أن يعبروا إلى بوّابة البرلمان. هؤلاء الذين خسروا سباق الأرقام، لكنّهم فازوا في محيطهم الاجتماعي فوزًا لا يتحقّق بالصناديق وحدها، بل بالمواقف والأخلاق والسيرة الطيبة. وما أكثر الحسرة التي تركوها في نفوس محبّيهم؛ من صوّت لهم ومن لم يصوّت، لأنّهم شعروا أنّ ثمّة رجلًا جديرًا كان يمكن أن يكون صوتهم في بغداد… لكنّ السياسة لها موازين أخرى لا تعترف بالكفاءة بقدر ما تُساير مزاج التحشيد ومغريات المحاصصة.

ومع ذلك، فإنّ عدم الفوز بمقعد نيابي لا يعني نهاية الطريق؛ بل قد يكون بدايةً جديدة لخطاب أشدّ نضجًا، وسياسة أكثر رسوخًا، ورؤية أدقّ في قراءة المجتمع وتطلّعاته. فالكيانات السياسية مدعوة اليوم، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، إلى مراجعة خطابها، وطريقة تسويقها لمرشّحيها، وكيفية إدارة حملاتها بعيدًا عن العشوائية التي تُهدر الأصوات وتشتّت الفرص. أمّا المرشّح الذي لم يحالفه الحظ، فهو أمام فرصة ثمينة ليعيد حساباته، ويقرأ مسار تجربته، ويقيّم عوامل القوة والضعف في مشروعه، لينهض من جديد بثقة أقوى وقاعدة اجتماعية أرصن.

ولعلّ الدكتور جواد كاظم سلطان الصكري واحد من أبرز هذه النماذج… رجلٌ لم يدخل البرلمان، لكنه لم يخرج يومًا من قلوب الناس. يكفي أنه حمل ميسان معه أينما ذهب، منذ أن تسنّم مناصبه الإدارية المتعددة وحتى صعوده إلى إدارة مديرية التربية، حيث لمس الجميع مهنيته العالية، وهدوءه الرصين، وإحساسه الحقيقي بالمسؤولية. لم يكن رجل إدارة فحسب، بل كان مشروع إصلاح تربوي لو قُدّر له أن يصبح وزيرًا للتربية أو يتولى رئاسة لجنة التربية النيابية لربما غيّر كثيرًا من ثوابت الواقع التعليمي، وقدّم رؤى جديدة تنسجم مع حاجة البلاد إلى نهضة تربوية حقيقية.

في زمن المحاصصة… ماذا يبقى للكفاءات؟

غير أنّ ثقافة مجتمعٍ ما زال أسير الوعود الحزبية، وضغط العشيرة، ومزاجات التحشيد اللحظي، حرمت الكثير من الأكفاء من الوصول إلى مواقعهم الطبيعية. لقد أصبح معيار الاختيار ــ للأسف ــ مزيجًا مؤلمًا من الولاءات والاصطفافات، لا من السِيَر المهنية والإنجازات الملموسة. ومع ذلك، فإنّ فوز الدكتور جواد بمحبة الناس، وباحترام من يعرفه ومن لا يعرفه، هو مكسبٌ لا تناله المناصب، ولا تمنحه قرارات اللجان الانتخابية.

فالمنصب السياسي لا يصنع رجلًاً  ناجحاً… بل الرجل الناجح هو من يصنع قيمته بنفسه، ويترك أثره أينما يكون، سواء داخل الوزارة أو خارجها. وهذا ما فعله الدكتور جواد، وما سيظل يفعله، لأنّ رصيده الاجتماعي والسياسي والإداري هو نتاج سنوات من العمل النظيف، لا نتاج موسم انتخابي ينتهي بإعلان النتائج.

ربما خسر الدكتور مقعدًا، لكنه كسب ما هو أثمن: ثقة الناس، واحترام الميدان، وسجلًّا من النزاهة يشهد له به كل من تعامل معه. وهذه مكاسب لا تُشترى، ولا تُمنح، ولا يمكن أن تُنتزع

وفي نهاية المطاف…

قد تسقط الأصوات في صناديق الانتخابات، لكنّ الرجال الحقيقيين لا يسقطون

وقد يتبدّل المشهد السياسي، لكنّ أثر الكفاءة يبقى ثابتًا لا يتغيّر.وهذا وحده ما يجعل أمثال جواد كاظم سلطان الصكري أكبر من منصب، وأعمق من خسارة، وأقرب إلى الناس من كل مقعدٍ برلماني.

فالصكري… اسمٌ يبقى رغم سقوط الأرقام

مشاهدة المزيد

شاهد ايضاً

المندلاوي يدعو إلى الإسراع في إعلان نتائج الانتخابات

بغداد – وكالة الإعلام الدولية دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، اليوم ال…