تسعة أشهر مضت دون إحراز الإسباني رافايل نادال أي لقب على الملاعب الترابية. شح التتويج على أرضية يعد المصنف ثانيا عالميا سيدها، شكل مفاجأة، قبل أن يفك النحس في دورة روما قبل أيام من بطولته المفضلة: رولان غاروس الفرنسية.
اختار الإسباني البالغ من العمر 32 عاما أن يعلن “عودته” الى المنافسة على ملاعب كرة المضرب، بنهائي تفوق فيه على المصنف أول الصربي نوفاك ديوكوفيتش. مجموعة أولى 6-صفر، ثانية خسرها 4-6، وثالثة أعاد فيها الأمور الى نصابها بتفوق صريح بنتيجة 6-1.
في الدورات الترابية الثلاث التي سبقت الموعد الإيطالي، سقط نادال عند عتبة الدور نصف النهائي، ما طرح – بخفرٍ – علامات استفهام حول قدرة المحارب الذي لا يستسلم، على الدفاع عن لقبه في البطولة الفرنسية، ثاني مواعيد الغراند سلام للموسم التي تنطلق الأحد.
على الملاعب الباريسية التي اكتست هذه السنة بحلة جديدة، يحمل نادال الرقم القياسي بالتتويج بـ11 لقبا في مسيرته الاحترافية.
على مر الأعوام الماضية، شكل نادال امتدادا طبيعيا لتفوق أبناء بلده على الملاعب الترابية. في شرايين اللاعبين الإسبان لون أحمر يمتزج فيه الدم وتراب الملاعب الصلصالية. نادال لم يكن استثناء، بل كان الإضافة الى القاعدة: 56 من ألقابه الـ81 في مسيرته كانت على التراب.
انتظر نادال طويلا بين اللقبين 55 و56. كأس روما 2019 كانت الأولى له، بالإجمال وعلى الملاعب الترابية، منذ دورة كندا للماستر في آب/أغسطس 2018 عندما فاز على اليوناني ستيفانوس تسيتسيباس.
عانى الإسباني في الأشهر الماضية مع الإصابات، بتواتر أكثر من معاناته السابقة في مراحل مختلف من مسيرته. التقدم في السن ربما شكل عاملا “مساعدا” لهذا التعب وأثر سلبا على جسد نما بشكل واضح على مر السنين، ليتحول الإسباني من لاعب نحيل الى متمتع بكتلة عضلية قوية، مع ضربات مهولة باليد اليسرى يخشاها غالبية اللاعبين.
في هذا الموسم، بدأت علامات الاستفهام منذ ما قبل الموسم الترابي.
في دورة إنديان ويلز الأميركية في آذار/مارس الماضي، كان متابعو كرة المضرب يترقبون لقاء في نصف النهائي بين نادال، والمقاوِم الآخر في الملاعب لعوامل التقدم بالسن، السويسري روجيه فيدرر (37 عاما).
انسحب نادال قبل الموعد بسبب آلام في الركبة اليمنى، وغاب قرابة شهر، عاد بعده لموسم دورات ينتظره اللاعب بقدر ما ينتظره المشجعون.
مدربه السابق، عمه طوني نادال، اعتبر أن الماتادور” ليس لاعب كرة مضرب، بل (شخصا) مصابا يزاول كرة المضرب”.
– من يأخذ الكأس الى المنزل –
بدأ الاختبار في دورة مونتي كارلو للماسترز ألف نقطة، حيث توج 11 مرة بينها الأعوام الثلاثة الأخيرة. ثلاث مباريات لنادال دون خسارة أي مجموعة، تلاها سقوط مفاجئ في نصف النهائي أمام الإيطالي فابيو فونييني. في الأسبوع التالي، كان الموعد في برشلونة، الدورة الكاتالونية التي توج إبن مايوركا بلقبها 11 مرة أيضا آخرها ثلاثية متتالية اختتمت في 2018. كان نصف أيضا النهائي المرحلة الأبعد، بسقوط أمام النمسوي دومينيك تييم، أحد القلائل الذين جعلوا حياة نادال صعبة على التراب.
فاز تييم على نادال أربع مرات في 11 مباراة على هذه الأرضية بينهما.
لم يكن الحال أفضل في مدريد حيث كان نادال متوجا خمس مرات، وأتت الخسارة في نصف النهائي أيضا، على يد اليوناني الشاب تسيتسيباس.
أقر بعدها أن الأمور ليست كما يجب “لم ألعب بشكل جيد (…) فزت بالكثير لأعوام عدة على هذه الأرضية، لكن هذا العام الأمر مختلف”.
بعد أيام، تحدث نادال بنبرة مختلفة قبل موعده “الثأري” في نصف النهائي مع اليوناني البالغ من العمر 20 عاما في روما، اذ قال “بعد أعوام عديدة هنا، أعرف ماذا حصل الأسبوع الماضي، وأنا سأحاول القيام بالأمور بشكل أفضل (…) ما حصل في مونتي كارلو قد حصل. ما حصل في برشلونة قد حصل. ما حصل في مدريد قد حصل”.
أضاف “الآن نحن هنا، في روما، هذه دورة مختلفة”.
بالفعل، كان الأمر مختلفا: فوز بمجموعتين دون رد على اليوناني، وتفوق واضح في النهائي على ديوكوفيتش دفع الأخير الى اعتبار أن نادال هو المرشح الأول في رولان غاروس، وبعده يأتي الآخرون.
بالنسبة الى نادال، ليس المهم وضعه في هذه الخانة من قبل منافسيه.
ما يهمه قبل أي أمر آخر هو أن يكون هو بمستوى يرضى عنه، يخلو من آثار الإصابات، ويعيد الى الأذهان السطوة التي يفرضها على التراب.
قال الإسباني الجمعة “لا يهمني ما اذا كنت المرشح (…) ما يهمني هو أن ألعب بشكل جيد”، مضيفا “الأمر الوحيد الذي يثير قلقي هو أن أكون جيدا (بدنيا) وتنافسيا”.
وجزم بالقول “المرشح الوحيد المهم هو من سيأخذ الكأس الى منزله بعد أسبوعين”.
المصدر:AFP