هادي جلو مرعي
لايبدو من نية لتأجيل إنتخابات تشرين الأول المقبل مع كل مايقال عن رغبة قوى أساسية في دفع الموعد الى نيسان من العام القابل، وهو مايرفضه طيف واسع من العراقيين بالرغم من كونه الموعد الحقيقي وفقا للتوقيتات الزمنية التي حددت وفقها مواعيد الإنتخابات، وعمر الدورة الإنتخابية للبرلمان والحكومة، لكن التناقض، وتقلب النيات والمصالح، وتقاطعها جعل من قوى كانت تريد للإنتخابات أن تجري في تشرين تدعو الى التأجيل، في حين تعلن قوى كانت هدفا للتظاهرات والإحتجاجات، والتي سعت لعدم إجراء الإنتخابات في تشرين، الى التأكيد على تشرين، بل وظهر أن قوى قاتلت من أجل تشرين صارت تأنف منه، وتعلن القطيعة معه، والرغبة في عدم إجراء الإنتخابات فيه، وتصاعد موقفها الى مستوى المطالبة والتحشيد للمقاطعة وعدم المشاركة، وقد يكون سبب ذلك اليأس من التغيير، وإستمرار هيمنة القوى التقليدية التي لم تنفع معها مظاهرات ولاإحتجاجات، وتمكنت من المناورة والإفلات من الضغوط، ولعلها الخبرة والمال والنفوذ، يقابله ضعف القدرة لدى المحتجين، وغياب التنسيق، وعدم توفر القيادات الفاعلة التي ترقى لتكون منافسا فاعلا، ورقما صعبا في معادلة الصراع.
الحكومة العراقية الإنتقالية التي أفرزتها تظاهرات تشرين تعلن أن الإنتخابات ستكون في الموعد، ولن يطرأ تغيير على التوقيتات، ولاالإجراءات التي يتم القيام بها لضمان المشاركة والحضور، ويؤيد ذلك تصريحات رئيس الجمهورية، بينما أكدت مفوضية الإنتخابات عزمها على إنجاح العملية الإنتخابية، ولم تؤثر بعض التصريحات المشككة في قدرتها على تنظيم الإنتخابات على تلك النية، ويبقى الوضع الأمني هو العامل الاهم والاخطر من بقية العوامل سواء كانت مالية، أو لوجستية، فالأموال يمكن أن تتوفر، والمفوضية يمكن أن تتدارك عوامل الخلل، وتتجاوزها، الى الإستعداد الكامل خاصة مع الدعم السياسي من الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية التي ساعدت في وضع آليات يسرت كثيرا على مفوضية الإنتخابات أي حرج ممكن أن يعرقل عملها، وباتت الأمور شبه محسومة، مع بقاء أشهر قليلة على الموعد المحدد في تشرين أول المقبل.
الوضع الامني في العراق لجهة إستهداف القوات الأمريكية في الشمال والغرب، وفي القواعد العسكرية والمطارات بالذات، يشير الى بعض المخاطر فيما لو زادت حدة المواجهة، وقامت واشنطن برد ما، وإتسعت دائرة المواجهة التي تدعمها أصوات تطالب بمغادرة تلك القوات للأراضي العراقية على غرار ماحدث في أفغانستان التي شهدت إنسحابا متسارعا أعاد الى الذاكرة قصة الحرب الأهلية، والنزاع المسلح الدامي الذي يثير مخاوف العالم من إمتداد حالة الصراع تلك الى دول مجاورة لهذا البلد المأزوم، مع إن الأمور في العراق قد تبدو مغايرة لأسباب عدة لايسعها هذا المقال، وهو مايرجح فكرة صدام ما دون تقدير عواقبه الحقيقية.
وبين التعجيل والتأجيل يتسارع وقع الأحداث، ويظهر أن كل مايجري لم يؤثر في نوايا المرشحين وعزمهم على بدء الدعاية المبكرة مع إعلان مفوضية الإنتخابات عن تسلسلات المرشحين الذين حصل كل واحد منهم على تسلسله في القائمة الإنتخابية، وهو مايشرح ماعليه العراق من تناقضات لاتكاد تنتهي، ولايوقفها شيء.