خلدون المالكي – محافظة ذي قار
ورد عن الإمام علي (ع): ثلاث يمتحن بها عقول الرجال هن المال والولاية والمصيبة.
قلّة من الرجال من يُغلّب عقله ووعيه على عواطفه ومشاعره ومصالحه الخاصة، والأقلّ منهم من يبتلى ويمتحن في الشدائد والمصائب وتسجل مواقفه رجحان العقل على ردود الفعل. والحاج (أبو مهدي) جميل يوسف الشبيب أحد أبرز الوجهاء في قضاء الإصلاح – محافظة ذي قار، المعروف بتأريخه الجهادي وكرم طباعه وسخاء نفسه وسعيه في مداخل الخير وغلق أبواب الفتن، ليس في مدينته الإصلاح فقط، بل في عموم محافظة ذي قار تستعين به العشائر والوجهاء في حل مشاكلهم، في شهر رمضان المبارك لقد امتحنه الله في مصيبة صعبه وقاسية وهي قتل ولده الأكبر (مهدي) بحادثة غدر ليس له فيها من سبب وصلة إلا جهده وسعيه في إطفاء الفتنة بين أطراف متخاصمة، عبادتهم في شهر رمضان هي المشاكل والفتن والقتل وإثارة النزعات لمصالحها الخاصة والشخصية.
قد سعى كثيراً الحاج أبو مهدي لسد أبواب الفتن ودفعها ما أمكنه ذلك من خلال تأثيره وتواصله مع كل الأطراف والعشائر في قضاء الإصلاح، لكن تم جزاء ذلك السعي والمعروف بقتل ولده الأكبر غدراً {وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
وعلى الرغم من امتحانه في قتل ولده الأكبر أمام عينيه، لم يتعامل بردة الفعل وإثارة الحمية العشائرية ضد العشيرة الأخرى التي ينتمون لها قتلة ولده، كما نسمع ونشاهد في أمثال هذه الحوادث نتيجة الحمية والنزعة العشائرية التي يتساوى فيها المذنب والبريء، بل كان موقفه المستند للعقل والحكمة وعدم إثارة الفتنة هو الأهم والواجب وهذا ما حصل، وقد وافق على الهدنة واحترام الوسطاء، حفظاً للدماء البريئة في قضاء الإصلاح وعشائرها من أن تراق أو تنزلق الأحداث إلى فتنة يؤخذ فيها البريء بجريرة المجرم والقاتل، وكان رأيه أن القتلة والمجرمين هم من يحاسبوا ويسلموا للقانون ويأخذوا جزائهم العادل والآخرين لا يجوز المساس بهم أو التعرض لهم.
ليست عشيرة الحاج أبو مهدي الشبيب يحق لها أن تفخر به وبمواقفه النبيلة والمشرفة، بل حتى خصومه الذين تورطوا بمقتل ولده الأكبر أن يفخروا برجل أثبتت مروءته وحكمته حتى مع خصومه ومناوئيه، وكان بحق الممتحن بعقله في هذه المصيبة المؤلمة لكنه لم يخالف رأي العقل في دفع الفتنة عن الجميع.
حفظ الله الحاج أبو مهدي الشبيب وكثر الله أمثاله في محافظاتنا وبلدنا العراق.